حواس الحيوانات
لدى معظم الحيوانات أجزاء من جسمها تستجيب للتغيرات، التي تحدث في الوسط الذي تعيش فيه. وقد يكون مصدر المؤثر (التغيير) رائحة أو منظراً أو صوتاً أو ذوقاً أو لمساً. ولا يوجد لدى الحيوانات بسيطة التركيب أجزاء خاصة من أجسامها تستجيب بها نحو المؤثرات الخارجية، بل تفعل ذلك بكل خلايا جسمها. أما الحيوانات معقدة التركيب خاصة الفقاريات، فلديها أعضاء رفيعة التكوين، تستجيب بها نحو المؤثرات الخارجية.
الحواس
تتفاعل بعض الحيوانات بسيطة التركيب، مثل الهيدرا والمشط الهلامي، مع المؤثرات الخارجية عن طريق خلايا خاصة مبعثرة بين الخلايا الأطرية لجسم الحيوان. أما استجابة معظم أنواع الحيوانات الأخرى للمؤثرات الخارجية، فتعتمد إلى حد كبير على واحد أو أكثر من حواسه الأساسية، وهي البصر والسمع والشم والذوق واللمس. ولكن بعض تلك الحواس قد يكون أكثر أهمية لنوع معين من الحيوان دون نوع آخر. فمعظم الطيور، مثلاً، لا تستطيع الحصول على الطعام إذا لم تكن تراه. أمّا السمع فهو الحاسة الأهم للخفافيش. فإذا غُطْيت أذنا الخفاش فهو يعجز عن الطيران وصار يصطدم بكل ما يواجهه من أشياء. وحاسة الشم الدقيقة هي التي تمكن الكلاب من إيجاد الطعام، وتتبع الأثر، والتعرف على المخاطر التي قد تواجهها. أما حاسة الذوق فهي مهمة جداً لدى الكثير من الحشرات، حيث تحدد الفراشة الطعام بتذوقها حلاوة رحيق الأزهار بوساطة أرجلها. وحاسة اللمس شديدة الأهمية للقطط، فشواربها تمثل أعضاء لمس تمكنها من تحسس طريقها بين الأعشاب القصيرة، حتى تتلافى الاصطدام بالأشياء التي في طريقها.
السلوك
يداوم العلماء على دراسة تفاعلات الحيوانات لفهم سلوكها. ويشتمل السلوك على استجابات الحيوان للمؤثرات، وكيفية تصرفها حيالها. ويبدو أن السلوك العام لمعظم الحيوانات يعتمد على أنماط تفاعلها التي زودها الله سبحانه وتعالى بها، وهي الغرائز والأفعال المنعكسة. وهي ليست مرتبطة بالتقدير العقلي لعواقب التصرفات، لأن الله سبحانه وتعالى وهب تلك الخاصية فقط للبشر من خلقه. فالحيوانات تتصرف من منطلق الغرائز التي أودعها فيها الخالق جل جلاله، وليس من منطلق تعلم تلك التصرفات، أو تقدير عقلي لعواقبها. مثال ذلك أن العثة تطير، على نحو غريزي، بعد خروجها من شرنقتها مباشرة لتجد غذاءها من عصائر النباتات دون أن يُعَلّمها أحد ذلك، فتلك غريزة أودعها الله سبحانه وتعالى فيها. فالخالق، جل شأنه وعظمت قدرته، أودع في الحيوانات مجموعة من الغرائز تمكنها من البقاء والحياة.
وقد وهب الله سبحانه وتعالى بعض أنواع الحيوان نوعاً من الذكاء (أي بعض المقدرة للتعلم من الخبرة لحل بعض المعضلات)؛ فالفقاريات لديها بعض الذكاء بعكس اللافقاريات. ومن بين الفقاريات فإن القردة العظمى، والقردة، والدلافين، تتعلم بسرعة حل بعض المعضلات التي تتطلب نوعاً من الذكاء. أما اللافقاريات مثل الحشرات والكركند فتظهر مقدرة للتعلم فقط بعد تدريبها بعناية فائقة. وحتى دودة الأرض يمكن تدريبها لتتنحى يميناً أو يساراً، لتتفادى صدمة كهربائية.
الاتصالات بين الحيوانات
يستخدم الحيوان حواسه لتلقي الاتصالات من حيوانات أخرى من نوعه. فحينما يسمع ذكر طائر أبي الحناء غناء ذكر أبي حناء آخر، يعلم جيداً أن الطائر المُغَنِّي سوف يستميت في الدفاع عن مقاطعته ضده، أما أنثى أبي الحناء فتعلم أن الذكر المُغَنِّى سوف يرحب بدخولها مقاطعته، بغرض التزاوج معها
وقد يتواصل بعض الحيوانات عن طريق الرائحة، حيث تطلق أنثى عثة الغجر، أو أنثى عثة دودة الحرير، رائحة مميزة في الهواء لتعلن استعدادها للتزاوج. وعندها تطير ذكور تلك العثات من مسافة تصل إلى الكيلومتر مبدية استجابة لتلك الرائحة للتزاوج مع تلك الإناث. وتميز ذكور الببر وعامة الذكور في فصيلة السنوريات حدود مقاطعاتها بالتبول عند تلك الحدود. وتُعْلِم رائحة البول من ذكور الببر الأخرى أن هذه المقاطعة يحتلها ذكَر من نوعها.
ويستخدم بعض الحيوانات التعبير بالوجه وبالجسم للاتصالات. فقد يهدد ذَكَرُ الرُّباح (السعدان) ذَكَرَ رباح آخر بدفع كتفه للأمام، وفتح فمه مكشراً عن أنيابه وأسنانه الضخمة الحادة. وقد يرمي ذكر الغوريلا الغاضب بأوراق الأشجار في الهواء ويدق على صدره بقبضتيه. ويؤدي نحل العسل نوعين من الرقصات، ليُخبر بقية أفراد الخلية عن أماكن وجود الأزهار ذات الرحيق الوافر. فإذا وجدت نحلة عسل أزهاراً ذات رحيق قرب خليتها، عادت إلى خليتها ورقصت في دوائر. أما إذا كانت تلك الأزهار بعيدة عن خليتها فهي ترقص في خط مستقيم تجاه وجود الأزهار، وعندها تطير شغالات النحل في ذلك الاتجاه لتجد الأزهار ذات الرحيق.